كتاب الفه الفيلسوف الهندي(بيدبا)للملك(دبشليم).
وفي اوائل القرن السادس الميلادي ارسل الملك الفارسي محب الحكمة(كسرى
انوشروان)الطبيب الفارسي (برذويه) ليقوم بنقل الكتاب من الهندية
الى الفهلوية(الفارسية القديمة).
ثم في منتصف القرن الثاني الهجري نقله ابن المقفع الى العربية.
ويشاء الله ان تكتسب النسخة العربية اهميه عالمية بعد فقد الاصل
الهندي واختفاء الترجمة الفارسية...وكانما حملت النسخة العربية
مسؤولية الحفاظ على هذا الكتاب وتقديمه الى طلاب المعرفة ومتذوقي
الفن القصصي...وعلماء الاخلاق والسياسة عبر العصور.
وتمر السنون فاذا الناس لا يذكرون الا ابن المقفع ناسبين اليه كليلة
ودمنة.
والحق انه اذا كان هذا الكتاب يحمل ملامح ثلاث حضارات هي الهندية
والفارسية والعربية... فان بصمات ابن المقفع تبدو واضحة جلية
فيه...وتجعله مثلا يحتذى تتراءى لنا من خلاله مدرسة ابن المقفع وطريقته
المبدعة في النثر الفني.
وقد قال قائل (ان كتاب كليلة ودمنة قضية حاضرة ما دامت اخلاق
الافراد...وسلوك الجماعات...وعلاقات القوى الفاعلة في اي تكوين بشري
موضع درس وتحليل من الفلاسفة وعلماء الاجتماع والنفسانيين...)
ومما يميز الكتاب عن غيره انه وضع لمستويات ثلاثة...
فالبسطاء وهواة التسلية يجدون فيه الجانب الترفيهي.
والحكماء فيختارونه لحكمته... ليستخلصوا منه دوافع السلوك واسرار
النفس...واداب الحياة الاجتماعية بين طوائف الشعب المختلفة...
وهناك المستوى الثالث وهم المتعلمون...فانهم يجدون فيه المعلومات
الكثيرة...وتروقهم لغته الصافية واسلوبه البلاغي المتين.
اما قصة تاليف هذا الكتاب فتبدا بغزو الاسكندر بلاد الهند وثورة
الشعب عليه...والتي ادت بالتالي الى تولي الملك(دبشليم)العرش وقد
كان مغرورا ظالما...ممادفع الفيلسوف( بيدبا) الى نصحه...فيسجنه
لكنه يندم فيا بعد فيطلقه ويقربه اليه ويجعله وزيرا له...يستشيره
في كل الامور...ويطلب منه ان يضع خبرته ونصائحه في كتاب...فكان
هو هذا الكتاب...الذي يرمي الى اصلاح الاخلاق وتهذيب العقول...وكل ذلك
على لسان كليلة ودمنة وهما حيوانان من الفصيلة الكلبية اصغر حجما
من الذئب.
والحديث على لسان الحيوانات ليس الا من قبيل الادب الرمزي .
=============
مختارات من كتاب كليلة ودمنة
=============
*مثل القملة والبرغوث
وهو مثل من يصيبه الشر بسبب غيره.
(قال دمنة..زعموا ان قملة لزمت فراش رجل من الاغنياء دهرا فكانت
تصيب من دمه وهو نائم لا يشعر...وتدب دبيبا رقيقا...فمكثت على ذلك
حينا حتى استضافها في ليلة من الليالي برغوث...فقالت له...بت الليلة
عندنا في دم طيب وفراش لين!فاقام البرغوث عندها حتى اذا اوى الرجل
الى فراشه وثب عليه البرغوث فلدغه لدغة ايقظته واطارت النوم عنه
فقام الرجل وامر ان يفتش فراشه فلم يجد الا القملة...فاخذت فقصعت
وفر البرغوث.)
============
*مثل البطة وضوء القمر
(وهو مثل من يقيس الاشياء بمظاهرها فيخطيء الصواب.
كخطا البطة التي زعموا انها رات في الماء ضوء القمر فظنته سمكة فحاولت
ان تصيدها...فلما جربت ذلك مرارا علمت انه ليس بشيء يصاد فتركته..
ثم رات من غد ذلك اليوم سمكة...فظنت انها مثل الذي راته بالامس
فتركتها ولم تطلب صيدها.)=============